mercredi 29 février 2012

قالت لي الأزمان عنكم ..5


محمد
إشراقة أنوار
تغيب بتي يسلبنيها المنام،أحاول إيقاظها فلا أتمكن،لونها الحياة المتفجرة يشرع يغادرها إنها تفتر ..أمي تطلب طبيبا لا تملك صبرا،أي علة يشفي الطبيب يقول أنها بغاية الإرهاق.تعاني سوء تغذية ضغط مضطرب و ضربات قلب متسارعة.
القائمة الطويلة لا تشبع جهلي المطبق.. حاولت، ربما ليس بالقدر الكافي،لكني اجتهدت و ما بلغت أكثر من الصفر، أبارح مكاني،لم أبدل شيئا لأجلك.. بتي، رقدتك هذه تفجع قلبي،لم أحسب حساب ضعفك،كنت دائما صلبة.
بتي أيمكن أن يكون مجرد مرض، آمل ،ولا أملك أكثر من أن أدعو الله بأدعية أنبيائه المقربين،و لا أعرف إن كانت محطة الأدعية استجابة دنيوية أم أن الله سيختار أن تذكر بالغد الموعود، يوم يقوم العمل للجزاء.
تطلع شمس غد اعتيادي، المبهم فيه أمرك بتي،أقفل صلواتي أتطلع نحو بابك فينفتح على إشراقتك،بتي تصلين وتصلين ،ثم تبتسمين للزمن الحاضر و الآتي. تقولين لم يعد ثمة وقت، يجب أن نغادر،هي غادرت يجب أن أسبقها، أتعرفُ المدينة قبلها لأرشدها.
- ترشدينها؟
- محمد إننا نتبادل الفكر والإحساس،هي اكتشفت وجودي، وشرعت تعتمد علي،و..
- و ماذا أيضا ؟
-و تشاطرني ألمها، هي.. وحيدة متعبة في عالم لا يشبهها و لا تعرف عنه شيئا.
- وتقاسمينها الداء، عليلة اليوم أنت.
ـ ما كنت لأبخل و قد منَّ الله بنعمه علي، عافيتي هبته،و الفتاة التائهة هبته أيضا،و أنا لن أضيع الهبة الربانية،إنها أمانة.
أتلو أدعية الحبيب المصطفى، عل جسدك المرهق يستفيق
تفتح أسرار كتمتها،تروين الحكاية، تحدثين بالتفاصيل التي ظلت حبيسة الإحساس منك،كنت تروين لي المشاهد رؤيا العين ،ولا تذكرين شيئا عما يحدث في نفسك من انطباع. و اليوم سردت الحكاية الكاملة
أحاول أن أجد لها موقعا بين ما وصف الحبيب المصطفى- صلوات الله عليه - عن خاتمة الأزمان.
وقد ملأت فراغات الحس المحكي؛ تلك الشابة في الزمن المتباعد من استنساخ الرجل الأشيب، عدلها لتطيق مناخ تلك الأيام التي لا تطيقين البقاء فيها لثوان. اصطحبها الأشيب نحو مدينة مهدومة تبعث الحياة فيها نسوة ، عليهن أثواب محتشمة بين أياديهن كتب عربية لا يحسنّ قراءتها ،و نسخٌ أخر خاويات عليها زخارف مصاحفنا.
هذه النسخ عليهن إعمارها،و حملن فتاتنا المهمة،فأرسلنها نحو المدينة؛أرسلنها لاستعادة العربية،لنسخ القرآن من جديد.
- إذا بتي القرآن لم يرفع بعد،مازال متداولا بالمدينة المنورة.
- أتدرك الأمر ؟ تقول الأوربية:-إننا نفقد اللغة و معها الدين وحتى الأزياء
-....
لم أملك ردا
- تسيرون نحو محو لغتكم من على ألسنتكم و شفاهكم.. والفتاة الأخرى لا تعي الكثير عن عالمها ، كأنها أقل منزلة من النسوة،ربما لكونها مستنسخة
أتذكر ما قال الدكتور تلك العبارة إيرانية،أصدقه تماما.
عميق الشرخ الذي احتلني و جعلني أغرق في صمت هدم إرادتي،سؤال واحد يكرر نفسه: ما عساي أفعل؟ أي أمر عظيم أصنع ليغير العرب اتجاهاتهم المتباينة.
أي منبر قد يحمل كلماتي للعرب كافة.
- بتي ماذا نفعل لنتفادى ...
- لن تتفاداها إنها نبوءة ..قدر .. ستحصل محمد مهما حاولت
-لا بربك ..لا؛ الله يرويك إياها لنعمل على تفاديها..و الخطوة الأولى المدينة المنورة.
أمي التي لم تغادر محيطنا تقترب تقول أن تمت أمرا نناقشه معا.
تعيدني والدتي إلى نفسي،إلى عطف خالص يجتاحني،كل هذه المشاعر تترسب و لا تعرب عن نفسها،إن ما تروينه بتي أقوى مما أرى فيك،حبيبة الروح
كيف أخرجها ،كيف أعرب عنها،بعد كل هذا الذي سمعت.
تجلس أمي.
أستجمع الحروف :- بتي لا أعرف إن كنت لاحظت لكني جدا معجب بك،قلبي عاشق و روحي تشتاق لسكينة تجمعني بك زوجة،فهل توافقين.
تتيه الكلمات على شفتيها تنظر في حيرة،تتشرد الفرحة بين تقاسيم محياها،أخالها تبادلني الشعور، تحدق قليلا ثم تطرق،أتتردد..
أ مازالت لا تعرف.
أنا حسمت أمري مند زمن، و انتظرت إسلامها بكل نقطة مني، طال انتظاري،حتى بدت الثواني قرونا ،أفزعتني.أ كان جهلا ما قرأت على تقاسيمك على امتداد أيامنا معا،أ كان يتلاعب الهوى الراقص على محياك.. ألم أفهم يوما شيئا.
أ لم تحمل كلماتي - وإن كن خاويات من فيض العاطفة- إلى قلبك بعضا من العشق ،أ لم تشابك داخلك شيئا من الحب.
بتي،لتكن إرادة الخالق.
- الوقت غير مناسب. ترد بتي
- حبيباي ،كلاكما ابن لي،أتما زواجكما ثم تفرغا لكل الذي يجمعكما.
كان صوت أمي التي ترفرف دائما لتحمل السلام لقلبي.
غادرت إلى خالي أستعجله، الزمن يسير بنا نحو الأسر إنه زمن يسرق منا هويتنا سيزيح عنا نهائيا تاريخنا،الذي بات عصيبا، نحمله ثقلا زائدا لا طائل منه،كأنه خناق لنا.ها هو التاريخ يمحي بعضه ،تاريخ المستقبل يجتث التاريخ الماضي،و ينتهي الماضي كله بعد بضعة أجيال.كيف سنلاقيك يا رسول الله،أي الكلمات نقترف تبريرا لما سرنا إليه،بما نجيبك يا عشق الروح إن أنت سألتنا عن تضحياتك.إلى أين سيرناها،بما نرد عليك و قد حميتنا من الفناء و إطباق الجبلين علينا،حالما بذرية تحمل الرسالة،فأين الرسالة من الذرية،أين رسالتك التي وهبت العمر،الجسد ،والروح لها.. أيناها من أعمارنا،أجسادنا وأرواحنا.أحمل وريقات سفرنا إلى بتي، و تحملني الأسئلة:
- بتي ماذا أصنع بنفسي،أنا أول العارفين،كيف ألاقي رسول الله، وما أبدل ليوم لقائه
-أعرف أنك لن تخذله
هذا كان جوابها،كل الجواب،أتمنى ألا أخذلك يا رسول الله.
لم يدنو العرس من روعة الأعراس في قسنطينة ،عرسك بتي وعرسي،عرسنا معا ،مجرد بهجة مختلسة نمارسها راحلين و الذهن مغترب،إنه زمن للمغادرة.. للجرأة.. لإثبات الثبات،لنسبقها إلى المدينة
- هذه هي العربية السعودية.أعرفها على أرض الإسلام

lundi 27 février 2012

قالت لي الأزمان عنكم ..4



بتي
مواضع الضياء
الاثنين يوم اعتيادي للآخرين، لكنه معي مختلف،أنا التي كنت مجرد طفلة أوروبية مذللة،ها أنا اليوم أملك حكاية الإسلام،ربما أملكها، وربما هي التي تملكني و تسير أفكاري و قراراتي جميعا، ها أنا أقبل باختبار حسن النية.
لا أعلم حقا أنّ لي كل هذا الصبر و الاستسلام لمجريات العالم المتخلف،أم أني أعاملهم كنواقص..إنهم يتخبطون في الماديات تماما مثلنا، الفرق أننا نملك التقنية و فن العيش المتحضر،و أخاف أن يملكوها غدا وهم كما هم اليوم فيهلكوا البشر جميعا. تراها يد قومي هي التي ستوقع الهلاك ،و تردينا إلى تلك الحال من الهمجية التي أطل عليها من عيون أنثى من 'أخر الزمان' كما كان يسميه محمد.
محمد اشتقت لك..لصمتك..لصوتك..لغموضك ..و إعرابك الخافت
وخذلتني..أهنتني.
ألم يحمل جسدي إليك و لو بعضا من ...
و لو حتى من الإغراء و لا أكثر
لا أطمح للأكثر.أخفيت عيونك كأنك ترى شيطانا،لكن ماذا أقول لعلني تسرعت فما أخالك أحببتني كفاية، أو ربما أخطأت فإلهك الذي يحرم سيرك معي على الطرقات لن يسمح لك بـ...
محمد،أتمنى ، من أبعد النقاط في الروح أن يكون الأمر دينا بحثا.أتمنى فقد قرأت في عيونك.. مع كل تعابيرك رغبة و هوى و حب جامح تقبض عليه بإصرار، و تبدو رصينا هادئا.تعرف تماما إلى أين تسير بي،لكنك لم تسر،لم تقدم سببا لجلبي نحو ساحة إسلامك،لماذا محمد؟ أ لم تلاحظ أنه وافق أشياء مني ما كنت أعرفها قبلا،أ لم تلاحظ
أ لم ترمقها ؟ محمد
ارتديت أتوابا تشبه منشئي أكثر ما تشبه هذا المكان الذي أقيم فيه اليوم، تشبه رفيقي الأوربي الفار أكثر مما تشبه محمد. لكن هذه ليست الصورة الأحب للمسلم،استتري خلف حشمة الثوب،لتكتسبي عطفهم،انه اختبار لنواياك.
في سيري انتبهت إلى نساء المسلمين،إن هن أقل احتشاما مما أبدو عليه،لا أفهم.. هل هن من الأحرار مثلي،أ هن بكل هذا الكم ،لن يجد محمد زوجة أبدا.
قسنطينة .. قال محمد أنك مدينة الأصالة العربية ،فكيف هي المدن الأخريات؛
أبدا، لن يجد محمد زوجة ..أبدا
كان عليه بدل الجهد ليدخلني دينه،فأنا كما تقول العرب وقع من نفسي موقعا حسنا ، هكذا بالضبط.
أبلغ الموعد بعدهم،أتراهم أكثر اهتماما،ربما. يرحب بي المالك شخصيا، يدخلني قاعة جانبية أثرية التأثيث،خفقت الروح حتى انفلت الفؤاد، كان محمد.
اﻤ...امـ...امتقع لونه.
أخال رجفة الروح عبرته أيضا،حتى بارح مكانه،ظننته يقفز ليضمني،دنا مني قال أنه فتش في كل ركن، في كل فندق،على كل رحلة،لكن..
لم يكن يعرف أنه لا يعرف اسمي.
يقول :- سبحان الذي جمعني بك و قد يئست ،خلتك غادرت
لم أجب،بما قد أجيب،تتراقص العبارات التي لم أؤمّـِن لها كثيرا،حين كانت والدته ترددها،أنا كنت أصغي لألا أسيئ الأدب،أصغي و لا أربط بالواقع،ها أني أعيش فعليا،أعيش كل كلمة لفظتها،تراودني ترفض التنحي.. كل تلك العبارات،كانت تتكرر:
لا شيء،لا شيء يأتي صدفة، العناية الإلهية سطـَرت أقدارنا و بدقة تفوقنا.
المصدر واحد ..واحد ..واحد..
مهما تباعدت الأمكنة، و أردف إلى علم السيدة 'مهما تباعدت الأزمنة أيضا' هذه أنا اكتشفتها.ركزت ناظري عليه،لا رحبت، لاسألت عن أحواله،لا مكان لتقاليد اللباقة
- أنا طلبت من إلهك إشارة لأعرف أنه...
- الله الذي لا إله إلا هو
-....
لم أعثر على الكلمات
- أتقرين ..أتشهدين..
- لا إله إلا الله
- محمد رسول الله.
- أين هو ؟ نحن نبحث عنه.
لم يجب،ربما لم يسمع،لم يك هكذا قبلا، كيف أصفه،كأن حملا أزيح عن كاهله،حر هو أخيرا،انطلق نحو المالك
ناداه خالي،ضمه،عانقه،صافحه ،يكاد يرفرف،لا بل أكثر،حتى خفت عليه.
صدقا،كنت تائهة،أقف أمام مجهول ممحي المعالم ،أنا لطالما خضت المجهول و تخبطت بالغموض فما الذي يهابه قلبي،ما كل هذه الرهبة التي تنهشه،أ يرعبني الالتزام أم أن القدر هو ما يرعبني و قد استسلمت للإيمان بسلطته. لكن صار لي إله يرعاني لا خوف ولا قلق.محمد قال مبارك.قال أنه دعا دوما الله أن يهديني سواء السبيل.
- دعوت الله و لِم لَم تطلب ذلك مني، لأسلمت من الكلمة الأولى
أم أنك.. ما كنت تعرف؟
- عرفت دوما
بابتسامة محتال لم أعهدها، ثم يردفني:- لم أشأ أن تسلمي لأجلي، بل أردت أن تعرفي الله، و تحبيه ،و تسلمي وجهك لجلال سلطانه،لا لبشر
منطق قوي لكني سأكسره:- أنت لا تشاء وحده الله يشاء.
- آه إذن تعرفين
- أنا أتقن الإصغاء.. أحيانا.
كل نقطة من جسده، من روحه تفيض فرحا، و تنتقل الفرحة دون عناء إلي فأبتسم دون سبب..و أبتسم،ثم شيء من الراحة يتسلل مع هذه البسمات إلى روحي.
الدكتور بالجامعة الإسلامية قال أن روحي حيرى، لم؟ فأنا كنت أغذيها بالموسيقى وقدمت أعمالا خيرية.محمد قال أن الموسيقى ليست غذاء،قال أنها مخدر، إما أن يستفيق سامعها على انتفاضة الروح
أو أن يفقد الحس،و ينغمس حتى المآل الأخير فاحمدي الله.قال أن الروح من الله ،و الموسيقى من الإنسان ،و هوى الإنسان بعيد عن المنبع الخالص.
محمد لم تك هكذا قبلا، شتت فكري ..إن كانت نساء قسنطينة يعلمن كل هذا فلماذا يتركن هذه السكينة ويقلدن الغربيات اللاتي يجهلن.
أ هذه هي الخطوة الأولى نحو الزمن الذي أزور،أن يقلد العالم الجاهل إلى أن ينسى علمه ،و يسترسل يجهل..و يجهل إلى أن يرتدين تلك الأزياء التي بالكاد تسترهن،ويمارسن أهواءهن بهمجية الحيوان.
أ يمكن أن يكون هذا هو منطق الأقدار.
يدعوني محمد عودة إلى بيته،أتحرج ،أتهرب،و يصر.
خاله ينصح ألا أتردد،هو فر منهم،غيّر عمله و مسكنه،ثم أعاده القدر المسطور إليهم ..و ما ندم،بل استشعر سعادة بالغة و تحسر على كل ما مضى،انسقت بعد أن وعدني تفقها في الدين،ثم تأشيرة إلى العربية السعودية.
و عدت ،شرعت أقرأ صفحات خاويات من حضارة عرب اليوم، على شاشات الفضائيات.حياة الصحارى الجزائرية لم تنقل إلي شيئا،عن عرب القرن الحادي والعشرين.كيف تمكنوا من إزاحة الماضي المجيد عن وعيهم،وانساقوا خلف قومي الدين تخلصوا من دينهم لجور حل بالماضي، أما أنتم أي داع سحبكم وراء خطانا الضالة.أقسم بإلهكم الذي تعبدون لو عرفت أوروبا ما تعرفون لطلقت بالثلاث كل الذي يغريكم،بل أخاله يدهشكم ....
روحي تشتاقك يا مصطفى هذه الأمة، هل لك من رجعة لتعيدهم إلى دينك، يا حبيبي يا رسول الله. أما أنا فنظرة منك تكفيني
أ تسامح طيش العمر الفارط و تمنحني رضاك .أرشدني يا رسول الله
أرشدني من حيث أنك لأن أرضيك،أقسم لك بأن لا أخلف سبيلا لخلاص أمتك من المصير الذي أبصر عبر نوافذ العيون ،إلا سلكته
فأرشدني من حيث أنك لأرضيك..
و أدعو لي بسداد الخطوات
ها أني أفتش عما أعين به فتاة آخر الزمان لتبلغ مُنى شعبها، أما أمتك اليوم، القوم الدين أعيش يبنهم فلا أعرف حقا الطريق إلى هديهم،إلى إيقادهم.
أقف على باب غرفة محمد أسأله إن كانت إمامته شعاعا نورانيا حقا يرد لا،هو يعرف أنه لا يرشد ضالا،إنما يسعى إلى تثبيت مؤمن قد تهز فؤاده الحوادث،حتى هذه لا يحققها دوما،لكن أحيانا....
يسترسل في نظرة تائهة كأنه يلقيها على ذاكرته،يقول أحيانا نعم،يعيد الأئمة من باعدوا دينهم ثم لم يفسقوا أو لم يقدروا على الفسق

البعض ترفض الروح منهم خطاياها.يدنوا حديثه من قلبي، أجلس على حافة سريره يقابلني من على مكتبه:
- أتمنى محمد،أتمنى لو أحمل من سماحتك،و أهدي إلى كل الأئمة الدين أراهم على الشاشة.
- الأئمة، اعتقدت أنك ستهدينها للقسنطينيات
- الأفكار كلها تأتي من القاعدة الشعبية إلا هذه، هذا السمو لا يزرعه الشعبي،ولا السياسي،لا يملك ذلك غير الإمام،الداعية.
و كأنه يتحسس نبضي يسألني:- و كيف تجدينهم؟
مع أن حروفه جدية ابتسمت، أو ربما سخرت، لا أدري:
- بعضهم إداري و الآخر مصاص دماء.
كأنما يجرحه الحرف،يعز عليه أن افتضح سرائرهم بخفة كأنهم يعلقونها على صدورهم أو لعله وجدني ظالمة.
- آه...آه ...
شهقاتي تتوالى لا أتنفس تنقطع زفرات الغرفة عني،أزور عالمها تلك الفتاة،أراها، أرى يدها تقود حيوانا لا أعرفه،و أستفيق
أجد الأسرة ملتفة حولي، محمد يحاول إعادة الحياة إلى صدري،شقيقته تحمل الأكسجين،حاولت الابتسام،جسدي منهك،تعب .
منهار في كل نقطة منه
- ماذا حصل،أ هو الربو،أم حساسية. تسألني أخت محمد
- رؤيا، الجو..كان.. مختلفا..خانقا..حارقا
- أحرقك ؟استرخي
خلفي أمه تضمني إلى صدرها، مُسحت كل معالم الرقة المعهودة على وجهها،لم يتعب وجه لأجلي هكذا، كيف أريحك:
- لا تخافي،إنه الدلال
أغمضت العيون على فراشك محمد،أشتم خلالك، و رجولتك لتتوحد بجسدي.متى أشاطرك الوجود،الوسادة،و الحلم،محمد. يسرقني النعاس من أسئلة إجابتها الوحيدة أنت.

samedi 25 février 2012

قالت لي الأيام عنكم ...3


محمد
مواضع لا تتلمس
رحلت ..مرة أخرى تفر من وجه الإحساس مني، ما عدت أفهم، أليست القبلة بداية حكاية عندكم أم أنك أطفأت حكاية الفؤاد فقط لأني ألهبت ضمير المسلم.
أنا مسلم،إمام ،الإمامة لا تنخلع بالظلام، فهل أكون بداية لأئمة يزنون،فيسرِّعون حصول رؤاك.
أضغط ..أضغط بكل قوة الأصابع على عيوني، أتمنى لو يمحى من ذاكرتي كل الذي مر من هذه العيون، و لا أملك حتى أن أطرح السؤال الكافر 'لم أنا' ؟ لم قبلت هذه السفرية وهذه المهمة؟
يا الله ..يا حبيبي يا الله ..لطالما رعيتني في ضعفي كما في قوتي
يا رحمن أسألك حسن خاتمة هذا الأمر.لا أدعوك بالدعاء المأثور، لكن كل جوارحي تسألك،فتقبل مني، يا رب .. يا رب
بتي،أمي لم تترك لي دقيقة راحة "ابحث عنها ..خرجت من هذا البيت مهزوزة الفؤاد، في المطار، الرحلات الأوروبية، في الفنادق، في كل موضع. "
كيف أفتش عنك يا منى نفسي، و أين..
فقدك يضاعف عقد الضمير في نفسي، وربما أعمق.ربما يزلزل مشاعري، ليس هوى، هذا ليس الهوى،إنك امرأتي الحلم،بقوتك بلحظات ضعفك،بإنسانية خالصة أرتشفها من عينيك .
للحظات أغادر عالما بتّ أمقته بكل معالمه،أسترخي معك.
ماذا لو أنك لم تري تلك المشاهد، أكنت أنفق العمر في البحث عنك.
ها أنا أبحث حتى و قد حصل فعلا،أين أنت،هل ابتلعتك قسنطينة
قسنطينة تعادينني دوما،ألست ابنا باراً؟ كم خاوية .. كم أنها خاوية حياتي، برغم كل الالتزامات،خاوية هي ،من قلقي عليك،من ترقب جديد تأتين به.لا تحليل،لا تفكير.كيف أشرح لنفسي أنك ما عدت هنا، وهي تهفو لصوتك، لنغمة عبورك، لمجرد أن تكوني في بيتي كلما عدت، كنت وكأني آوي إليك.
'استسلم محمد' أرددها،لو لم أك إماما لقلت أنها كلمات صِلات بيني و بين فؤادي،الله يعينني و يمنحني السلوى .
أقف للإمامة أصلي،أرفع يدي للدعاء، انفض القوم من ورائي وتحجرت مكاني أستجدي خالقي أن يحميك،أصلي على حبيبي المصطفى وأعدد أسماء الله لأدعوه بكل اسم هو له ،بل باسمه الأعظم أن يحميك..فقط أن يرعاك،فلا راعي سواه.
يد على كتفي:- أتطيل لتتحاشاني...
ألتفت إذ هو خالي، شقيق والدتي واقف خلفي بوجه كدر مكسور،إنه زمن الانكسارات. أقفز إلى صدره أطيل عناقه، اشتقته، لكم طال غيابه، خالي ذات ضلالة اغتصب ارث والدتي ،و اختفى واليوم هو عند كتفي أصغي إليه:
- ما كنت أعرف أنه مسجدك.انطلقت سائقا على غير هدى، إلى أن أدّن، فخور أنا بك جدا..جدا.
دمع.. رأيت دمعا في عيونه تقاطع دون إعداد مسبق مع دمع قلبي،هذا الترتيب الإلهي يرسو بأمواج كانت قد تكالبت داخلي .
- المساجد لله خالي،ما هو لي فعلا ؛ بيت شقيقتك على بعد خطوات

لا عزيمة تسيره، استرسل معي لا أكثر رأيته سعيدا، فخورا لما أنا عليه،وعلى النقيض منه أنا ما كنت حتى راضيا بحالي، ترى ما علتي أهي الطموح أم أنها ضعف إيمان، أعوذ بالله،أثق بالله، بك أثق ياإلهي،بكل ما منحتني من عاطفة و عقل أوقن من عمق نفسي أنك تسيرني للأفضل.يدخل خالي منزل شقيقته،تعانقه،تجهش بالبكاء فرحا
أبكتنا أمي :
- لم استعجلت إخراجنا و رمينا بعيد أيامك،لو كنت هنا،لرأيت كم أنــّا صوانون للود، مهما أساءت الأيام و حوادثها .
هذا الخال لم يخرج للقيانا بل خرج به هم أطبق على أنفاسه حتى أبطأها.و خلاصه رآه فيّ .حتى السفن الفخمة تغرق ولا يتبقى من خلاص إلا قطع من ألواح.أيامه بكل ثراها تغرق،إنه ألم الضمير المثقل
ألم نفس تتراجع نحو منبعها الصافي.
هذا الخال أكل أموال أيتام ولم يستشعر حرجا،و اليوم تقضم كل قواه امرأة لا يعرف لها أصلا، تقول أنها بجنسيتين هولندية و سويسرية اسمها عربي خالص، جاءت تدفع ثروة لقاء دخول المدينة المنورة،و هي لا تعرف حتى اسمها تسميها مدينة رسول المسلمين.
خالي قال أنه ألح عليها بأسئلته فقالت أنها تتعرف بالإسلام،و تريد أن تكون في مهده لتروي روحها،و يخالجه خوف غامض غموضها من أن تكون خطرا على الأمة.
ركب بضع سيناريوهات قد تكون،أو ربما تكون..رجاؤه كان أن أتخذ القرار عنه.
لم خالي الإمام ليس نبيا ،لست معصوما ولا أقرأ سرائر الناس.لكني لن أغضبه يوم صفائه؛ رتب موعدا معها، ثم ..ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
الاثنين ، موعد آخر مع امرأة أخرى من الجهة الأخرى،كيف سأعرف ..خالي ما أثقل المسؤولية على كتفيك فلما تلقيها على كتفي، أم أن قدري شرع يثقل بنساء الضفة الأخرى ..بتي أفتقدك ، حتى وأنا أسير نحو امرأة أخرى ،أفتقد قلقي عليك،ماذا أفعل
وضوء صلاة وأدعو مرة أخرى أن يحميك الله و يسدد خطاك.
أسمع و أنا أغادر وضوئي والدي يذكرك،كشف سرنا المرير،لحدس،أو لثقة،أو ربما مجرد انحياز لعاطفته.
أدرك أنك من أعرب أولا عما بين النبضات؛ فهي قال طريقتكم الحضارية في إخراج الإحساس حواسا،أما نحن ..محمد ..فقد امتلئ فقها حتى أضحى الفقه مجرى طبائعه و قاعدة حياته،إنه فطرته كما أنه فطرة كل إنسان قبل ما أمالت الحضارة و الأيام.ابننا لن يعود إلى تلك الأيام العاقات، إنه مؤمن بكل جوارحه.لن يتخطى إيمانه حتى لو أحب..
حتى لو عشق...
حتى لو بلغ الهيام...
لم أتعرّف ما أحس،أسعادة،أتعاسة،بعد هذا الذي سمعت،لا أدري..
شعور خافت يخالجني إنه..لا أدري.
تراك ربي تهديها إلى الدين الحق، امرأة بكل ما لها من خصال قد تقدم للإسلام.
بتي،غدا موعد آخر،تقاطع طارئ آخر مع أخرى من بنات بلادك،
قد تدلني عليك، بتي
ماذا لو أني سعيت بكل حجتي و عاطفتي لإقناعك ،ماذا لو خلعت مخاوفي جميعا ،ماذا لو لم أحسب حسابا لتدافع المشاعر و تسرع الأحكام،أ كنت تدينين للواحد الأحد..
قدر الله و ما شاء فعل.
ليتك تسلمين،ليتك،و لو بعيد أيامي و أقداري،فأنت أهل لسلام الروح الِذي لا يهديه غير الإسلام،صفاؤك و كل خصالك أهل لهذا الدين،و كل امرأة فوق ساحة المادة.

mercredi 22 février 2012

قالت لي الأزمان عنكم ...2

محمد
بوابة قسنطينة
تقرأ بتي خطواتها على صفحة المدينة سطرا بعد سطر،فقرة تلو فقرة ،لكأنها تستقصي أمرا لا أدركه ،و لا ملكت أن أضاعف رهبتها فأسألها عنه. نمر بالزقاق مثنى ..ثلاثا..وأكثر و لا تنتبه،يشغلها الموضع عن الكل.
بتي ..كيف..كيف أحييك؟
انتظرت الجمعة لأقرر أن أصدم و بكل ما تأتى لي من طيش..
أن أصدم عواطفها...
طلبت إلى الأخوات أن لا يخضن معها في الأحاديث و...

اصطحبتها إلى المسجد..هذا ليس كمساجد الصحراء , إنها قسنطينة ..قسنطينة طقس مقدس من طقوس الحضارة ..النسوة هنا ند عملي لك بتي..
صعدت المنبر مشتت الذهن, قصاصاتي تروي عن معركة ولساني يحكي عن الإله
عن ضرورة وجود إله..
سكنت بتي بين أفكاري , روحي حولها تحوم و مسألتها تطعم أفكاري ..لم أملك إلا أن أحادثها و من على المنبر.. أتلو عليها كل الذي ضاقت عنه أحاديثنا ...
أما خلف أستار البصر فقد ملأتها الأخوات أسئلة ..
ذلك ضغط الجماعة ..هي لا تعرفه..
ردّدن السؤال الملحّ، الذي طرحته على نفسي في كل ثانية ..و اتقاني الجواب.
- لكن كيف يسمح لنفسه بملازمتها و هو يعرف أن الشرع يمنع ذلك؟
بدا السؤال متطرفا غريبا أو حتى غير مقبول لبتي ..
غير أني أفهمه.. ردت بل تاهت و ابتعدت׃
-لا تسألنني فما عادت تتقنني الأجوبة
سر ..سر كبير كل الذي يجمعنا.. و لا نقبض أجوبة لنتلوها ..
و لا حتى قبضنا مواعيد البوح .
سقت أشرطتي و دفتر ملاحظاتي إلى باب أكثر من دكتور.. ثم أعود إليها أقول أني لم أفعل وترضى و نسكت معا ..بتي إلى متى ؟
بتي أخافك ..أخاف عليك ..أنا أم ...
أنهيت إمامتي مع أنها أبدا لا تنتهي .. التحقت بها ظانا أن النسوة جميعا غادرن.. لكن كانت اثنتان معها باقيتان
دخلت وجدت بتي شاردة غائبة الدهن، و هما تقرآن عليها :"الله لا اله إلا هو الحي القيوم" و بتي تحاول إسكاتها إيماء و...
منشطرة بين عالمين، تمارس الفعلين معا،
- كفي التلاوة أرجوك..
التفتت إلي مبهورة بادية الحيرة أومأت لها بالتريث حتى تعود بتي، و عادت كمن يخرج بعد غرق بعيد من تحت الماء، بالكاد تتنفس .. يتآكل الخوف روحها.. حتى غـيّب تفاصيل وجهها...
ما عادت تشبه نفسها في تلك الأيام الأوائل
- ماذا رأيتن حتى قرأتن قرآنكم؟
نظرت إلي الفتاة بتهيب ثم أجابت وجلة:- تبدل لونك ثم..
سألتها بإلحاح أن تخبرنا
- تحدثت بلغة غريبة لم أعرفها يوما خلتها لغة الجان فقرأت القرآن الكريم.
- هل تذكرين ما قالته؟
سجلتُ الكلمات و غادرنا و لم نملك أن نسألهما الكتمان .ما عدتِ سرا بتي.
علينا الإفصاح على الأقل للأعلى شأنا.
قصدت واحدا من الدكاترة ...روينا و سمع،أخذ ورقة وخط الاحتمالات:
1ـ مس جان لا فالخبر من المستقبل و الجان لا يملك ذلك.
2 ـ سفر زمن ينتفي لغياب الأداة و تبدل الظروف و الأمكنة
3 ـ سفر روح روحك حيرى ابنتي ..ربما عقلك ركب هذه الأحداث انطلاقا من ثقافتك الـ...
فالمسيحيون يعرفون الكثير عن ديننا.. و الذي تصفين يقترب مما يعرف عندنا بآخر الزمان.
نظرتْ.. إليه.. إليّ َ ..قرأتُ حسرات على أهدابها، فروت له عن دينها العدم ..عن علمها الخواء ..فجلس ..و أردفت إلى مسامعه ما لم يتوقع ، رأياها الأخيرة في المسجد؛ كانت سفرة نحو مدائن هدمها تقادم الزمن يقطنها قوم تسترهم ثياب محتشمة أقرب إلى أثواب هذه الأيام ..
الكثرة منهم نسوة، حادثوها بلغة ما فهمتها فردت بكلمات سجلتها على هذه القصاصة
ثم أروها كتبا خطت بالعربية لكنها لم تفهم منها شيئا ..الأخرى..المرأة الأخرى هي التي لم تفهم..
بتي تعرفت إليها..كانت العربية ..و لا أحد تمكن من قراءتها..
لا أحد..
الرجل الأشيب كان يترجم لها قول النسوة لكن ..
حتى هو لم يملك للعربية سبيل قراءة ..
ثم.. أروها الكتب الخاوية ..و إخالها المصاحف.
غادرَنا الدكتور و لما عاد.. حمل ما أبهرني قال الكلمات التي لفظتها هي فارسية معناها:"لم أفهم قولك" .
- محمد أكون سعيدا لو انضممت لمخبري.. و عملت تحت إشرافي ،فحل لغزنا هذا يبدو متطلبا
لم أجب ..في لحظة واحدة.. ارتسم الغد نورا، يحرق أسى يومي، ماذا أكون أنا؟.. ماذا؟ مجرد نقطة على هامش الحياة بكل تفاصيلها، ليس بعلمها فحسب ..ماذا قدمت لإسلامي؛خطب الجمعة
من هدت كلماتي ...لم تصنع شيئا ..لم تمنع شيئا..
هذه رسالة..هذه وصية..هذه جهاد..و فرصة لأهب العمر للإسلام.
بتي ماذا عنك ..التفاتة نحوها تهدم كل الآمال على محيط عيونها.. وارتجافة الخوف على محياها،ابتسمتُ أو حاولتُ ..و لم أتقن.
قطعتِ الحيرة بالانصراف:
- أحب أن أجول بهذه الجامعة ..هندستها تغريني بإطالة النظر ..ريثما تتفقان .
من بعدها سألته عنها،و ليتني ما فعلت فقد قرأ فؤادها و علم أني كفيل بإقناعها ..و... لم أجبه
و أنا أفتح الباب أردفني :
- أخاف أن تقنعك هي..
جلتُ معها بأروقة الجامعة الإسلامية ،لم ألتفت للنظرات، بل أبصرت داخلها و رأيت أشياء تتهدم،و لم أعرف كيف أوقف هذا الزلزال. هذه الملحدة المغامرة تضحي بكل ما لها من الحياة لأجل ديننا،فنجعل منها شيئا؛موضوع بحث و لا نلمح ،ولا نلتفت مجرد الالتفات إلى إنسانيتها
إنسان هي
و بكل عمق ..إنسان.
سألت الله في مسيرتنا رحمته و حلمه.و أوصيت النفس و الجسد تقوى و رفعة عن آلام الآخرة التي تزينها الدنيا و تبديها آمالا للعمر.
هاجرت الكلمات بعيدا عنا ..لم تخاطبني قط ، بالكاد كنت أسمعها تلفظ رغباتها مع أهلي .لا حاولتُ ..ولا تجرأتُ ..ولا ملكتُ ما أهديها من الحروف.
بتي أراك و قد ملكت علي نفسي؛ حتى ما عاد للأفكار من مدار غيرك ..غير هذا الأفق الذي فتحت.و سمعت صوتك على اشتياق ؛تحادثين أمي و الأخيّة الغالية، تقولين حجرتِ على حرية أهل البيت...ترغبين بالمغادرة إلى فندق.

رنة صوتك خائرة، مهزومة، تُفتتُ قلبي على مهل تجعل ألمه بضع أضعاف،قررتِ هجري بعد عشرة ما خلتها تهون،أو أنها ..
لو لم تهن عليك لهانت عليَّبتي ما كنت لأضحي بك ، و لو فداءً لغد مشرق ..
أمي ردت عليها:
- والله أحببناك يا ابنتي،و لا أعرف كيف سوف أودعك يوم الرحيل.إن كنت مرتاحة بالله عليك لا تغادرينا.
في غرفتها مشطت أمي شعرها، جالستها إلى أن أضحكتها، و هفت نفسي من خلف الجدران إلى بعض من هن.
وقفت بالباب سألتها كيف وجدت الدكتور،ردت بأنها فهمت أخيرا ما الذي جعلني أبلغ أبوابهم و أعود لا أكلمهم،و أردفت:
- إنه مجرد إداري
- و عرضه ما رأيكِ فيه؟
- لم يعرضه علي ..
ما عدنا بحاجة إلى كلمات أخر هي تعرف..
وأنا..أنا أيضا أعرف،قد تتكشف المكنونات وتتغير مسارات قراراتنا.
هي امرأة تؤمن بالحرية وأنا رجل أومن بالعدالة،وليس عدلا..ليس عدلا أن أشكلها جسرا من عاطفة أركبه نحو منصب أورتبة أو حتى نحو آمال الروح..و حر أنا في عينيها من كل التزام نحوها.
فأين النهاية، ليتها لم تمنحني الحرية، ليتها أسرت أحلامي وآمالي ببعض من أنــّتها.أعرف أنها تئن في صمت.
آه بتي..الليل الطويل مثار الأفكار علني أصطبح على قرار حكيم يملكني بعضا من أحلامي المتضاربة الاتجاهات.تراك تعلمين أنك صرت بعضا من أحلامي..
آه.. بتي..بل بعضا مني.. لو أنك فقط تسلمين ..ألم تقنعك هذه العادات وكل الذي تعيشين بيننا،أ لم يقنعك الإسلام الذي تتعرفين
أم أن الحرية طبع أقوى من العقل..
بتي النوم هَنَاءة الآخرين فهل يصنع الساعة هَناءتك.
أقيم صلواتي الليلية، ينفض الأهل من حولك أطفئ الأنوار وأسترسل،وحدها صلواتي تصنع دربا من الأنوار أسلكه ولا أهاب خيانة الزمن.أسمع صوتك، ما نزل النوم بين أجفانك،غدا أريحك إن شاء الرحمن...غدا.
بتي
عتبات الآخر
آويت إلى أم محمد تروي لي عن حبها...عن أيامها الراحلات نحو النسيان....
كانت شيوعية، درست بالإتحاد السوفيتي السالف وجاءت حرة مثلي تماما،ربت ابنها ليكون فتنة كل البنات ..و كانت فخورة.
في الرابعة عشر من العمر ألهب قلوب المراهقات وأدمن السجائر و...
إلى أن أصابه صداع حاد ليلا .. أخذ يصرخ وقلب الأرض بأناته.. فلم تملك و والده إلا أن حملاه إلى مشفى العالم الثالث حيث لا أطباء يغامرون ..أفزع صراخ الفتى الطبيب المتربص.. أي صداع كان يواجه لم يعرف، لم يسعفهم غير رجل خرج من العدم ليخرجهم إلى الحياة.
شد على رأس الفتى و أخذ يتلو القرآن.. كتابهم المقدس الذي أراه خاويا من هذه الكلمات الشفاء ..تلاها و تلاها إلى أن ارتاح الفتى وهدأت لوعة آلامه و استفاق ..
على عالم آخر ..درس القرآن و تعهد إسلامه إلى أن ساقهما إليه ،و أبدل الشيوعية إسلاما متفتحا متفهما.
هي امرأة تقرأ أسرار الفؤاد قالت أن لا شيء في هذا العالم يحل صدفة،قالت كل ما يحصل معنا له هدف مسطر، الأقدار هي هكذا ،لها دور و دورة،قالت.. ما يباعدنا اليوم قد يجمعنا غدا،قالت أنها تتمنى أن ينتهي كل الذي يجمعنا إلى خيرنا.
تركت عباراتها تجول في خاطري،و صلوات ابنها تهدهد جسدي
وانتظرت..انتظرت حتى نام،حملت حقيبتي ورحلت ،بل فرارا منه قصدت ،من صفقته، من بهاء طلته، ومن كل الذي يعتصر قلبي
فيقطر دما عاشقا لكل ما هو عليه.. محمد
إذا كان إسلامه يمنعه من التنزه معي فهل سيحل له
أن يحبني كماأنا
أن يحبني بكل حريتي..لا.
بلغت الباب الخارجي للعمارة سمعت صوته ينادي من ورائي، يستجدي رجوعي، و أبيت.
– أرجوك بتي حتى أنا لا أجرؤ على الخروج الساعة ..خلف هذا الباب مدمنون و لصوص ومنحرفون..ما من أمان..
سلبني قراري حمّلته حقيبتي وسرت خلفه حتى الغرفة،وسط سواد الليل ،بين الأنوار الخافتة،وتماما خلف الرجل الذي غدا أمنية،كل ما اشتهيت بين يدي ،و خائفة أنا ، متعبة من سفر حل بالجسد قبل الاستئذان،ليت جرعة من الحياة تعيد إلي الحياة.
لم أك أرى أكثر من ظهره، منكب يرتب الحقيبة بين الخزانة والسرير يستدير أقابله و قد أسقطت عني ثوبا يحرمه بعضا مني أحاول الاقتراب، ولفه و ضمه لتتوحد فيه روحي،يرتبك يبتعد ..يسدل عيونه السوداء الساحرة لا يبقي لنظره أكثر من موضع قدميه،تنار أضواء البهو،إنها أمه،يلتفت..
و أتهشم
يقبل يد أمه ثم....إلى غرفته، لا يلتفت حتى ليرى صنيعه بي
رغما عني ...
رغما عني ..أغرق في دموعي ..
وأغرق ..وأغرق..
تدخل أمه، تصعق تسارع تحضنني و أبكي على صدرها:
- لقد احتقرني ابنك ..حط من قدري..أهانني
تحاول معي، بل تنجح تجعلني أسهو،أبعد بصري عن مواضع الجراح.فأنام،و غدا؟ ها هو الغد تتسارع صفعاته نحو سحنتي، ماذا..
رهيبة هي الأسئلة في هذا البيت.على نفسي لن أطرح أيا منها،شاخصة أترقب من فراشي، هذا الذي منحتني هذه العائلة.
تدخل أمه تجره جرا نحوي يجلس يقابلني، والدته تحاول إيجاد حل. لكنك سيدتي لا تعرفين شيئا بالأمس سألتني إن كان رقيقا أو عفيفا
و لم أفهم هل احتقار المسلمين بشقين أيضا.
الآن فقط أتلمس جهلها؛ تخال ابنها اعتدى علي، تحاول و تحاول
في النهاية لا أفهم أكثر من أن ابنها صالح،وحين يخطئ يصحح خطأه و لو بالزواج.
ماذا ستقول محمد، إنها ليست مسيحية و لا تؤمن لأي اله؟
أي فرق تجدون أتباع النبي محمد، تشطرون الآخر أنصافا على هواكم تصادقون هذا وتعادون ذاك ، أي شريعة هذه.
انصرف الفتى الإمام الذي بدفقة ودّ جعلتُ منه ضحيتي،غاذرني وخلف لي والدته المفجوعة - كما تقول العرب- لم تسعفها لغتهم على سعتها، أطرقت تبحث عن الحل على سطح الأرضية،بما كان تحدق... بالخواء.
التفتت إلي تعلمني أن دينهم يسمح فقط بالكتابيات زوجات،القاسم المشترك يكون الاعتقاد بالإله تحت أي صفة.
ها هي تهينني، تماما كما فعل ابنها، متى صارت الأوروبية تتذلل للحصول على زوج.
- سيدتي أنت لم تسأليني الرأي بعد
- و لكن تفضلي أغيثيني...
- أنا أبدا لن أقبل بعربي زوجا، ما حصل انتهى و قضي الأمر
يفاجئني زوجها ينفردان معا ،تبا لأهل هذا البيت ، الجميع يتدخل في أمور الجميع، أ لا يعرف أحد معنى للحرية الشخصية.
هذا العربي أعتا من ابنه، يرمي إلي بخطاب لا يحتمل أكثر من معنى
يروي لي عن تسمية ابنهما 'محمد' اسم رسولهم، في أيام ما كانا يؤمنان بالرسول، و لا حتى يأبهان له، جاء والد هذا الرجل و أسمى الرضيع 'محمد' رغما عنهما.
يقول قدر ابنه أن يكون مؤمنا، و ربما أكثر من ذلك قد يصل إلى أن يحمل لواءه بعد انكسار. أنا و إن كنت حديثة العهد بلغتهم ودينهم أفهم،ببساطة القول الصريح هو يطلب خروجي من حياة ابنه، فليسمع ردي إذن:
- سيدي للتو أعلمت زوجك.. إني لا أريد من ابنكم شيئا..
- لا ..لا ..تقفي بالصف المعادي، كوني في صفه،هو لم يدخل امرأة إلى هذا البيت قبلا،وإن هو فعل معك فلأنه سيمنحك الكثير، لكنه ينتظر منك الكثير أيضا،أتدركين.
تبا لهذا العربي أ يريد أن يبدو ملاكا على حسابي، منافقون.لا شيء يحل بالوجود صدفة هكذا قالت العجوز، أما ابنها فعرض حنانا بالغا حتى انسقت له، ثم جعلني موضوع بحث، ثم ها هو يرمي بي خارجا..لكنك عزيزي لم تحزر مطلقا أنا ابنة حضارة تسبقكم بميئات من السنون .
أنت تعرف الصور لكني أملك الحكاية و أعيش في ذلك الزمن ما لا تتوقع.. و أبدا لن تعرف الأسرار، قشور إنسانياتك يا إمام القلتة السفاحين لم تخدعني فأنا أعرف الإنسان،أسرار الإنسان.
وداعا حبي العربي،تراك تعرف أن اسمي عربي أيضا،لا ..لا أظن،أنت لم تأبه يوما،لم تسأل يوما،ترى لم؟ فقط لأني تائهة دون إله يرعاني،من على منبرك خاطبتني،أو على الأقل أنا يومها خلتك تخاطبني؛ تقول أن الإنسان وهن وضعف سنده في الخطوب الإله القوي القادر،أتخال إلهك يرعاك محمد؟
و أنا إلى من أستند اليوم،و قد اغترب الهوى،وتبدلت نسائم هذه البلاد التي عشقت أمس.
و كل الدين ما كانوا يملكون مفارقة لجسدي فارقوه و فارقوني..
تبا لك محمد، رفضت قبلة،مجرد القبلة و تقول أن ربك يحرّمها.إن كنت مغرما حقا ، و رفضتها فـإنك... أو ربما فإنه ذلك الإله ..
ماذا بتي ..ذلك الإله ماذا؟
يا آلهة السماء أيا منكم..لا،أنا أريد الأصح بينكم لي عونا شفاءً
وبراءة من هذه الآلام،و من وجع حب خائن، وجع دخول إلى عالم الآخرين..وجع الضياع فيه..و الضياع بينهم

استجب لندائي، إن كنت "حقا"ماذا لو طلبت أمرا يكون شخصيا بيننا.. بيني أنا بتي أو باتول، كما أسماني والدي ،و بينك يا إله محمد والمسلمين، أريد أن ...أن ..ماذا سأطلب ، كما في الحكايا القديمة سأطلب إشارة، مجرد إشارة، تبلغني اليقين، برهان أن المليار مسلم محقون.. وأنك الحق.
أريدك أنت لأني أحب أن أصدقه، ربما لأن بعضا من دينه، من طبعه، من عقيدته يناسب الإنسان داخلي،الإنسان الأول قبل أن أصبح حرة بالكامل.
حرة حتى من الحرية.

lundi 20 février 2012

قالت لي الأزمان عنكم ...-1-

إلى الروح الطاهرة التي رحلت قبل أوانها

قبل أن تزهر بذور زرعتها بالروح منها ومني 
إلى موتاي..
إلى موتاكم..
إلى كل من تحرقنا لوعة افتقادهم..


غادرتـُها مرتجف الكيان ،هي يوما ما كانت هكذا؛إنها..
-هاي..هاي,أنت تعال..
اقترب الفتى العربي سألته أن يؤمّن لنا عودة سريعة إلى المدينة،فهذا الخلاء يجعل 'بتي' تفقد عقلها،هذه آخر خطواتنا نحو المجهول،نحو الآفاق المفتوحة على كل الاحتمالات هذا هو الاحتمال الذي لم نحسب له حسابا.
بلغنا المدينة،إنها أشبه بقرية صغرى،الوقت غداء و ما كنت أعرف إلى أين أقصد أخيرا تقابلني عيادة طبية.
ما الذي تراه الطبيبة اليافعة بفتاتي التائهة المحمومة، التي يرعبها تذكر ما مرت به .تعالج طبيبة الأعراب ما ظهر من حمى ،تهدئها ثم تسوقني إلى مسجدهم تنادي على قديسهم يجلس إلي يسألني عن 'بتي' ..
عما أذهلني من أمرها.
أطلب إليه أن يسمع منها فأنا ما عدت أعرف كيف أروي كل الذي جرى ,للحظة كانت تائهة تسألني "ما هذه الكتب و لم هي خاوية بالكامل لم لا تحمل أدنى كتابة"و لم يكن في خيمتنا كتب و لم...
صرخت في وجهها، أخذت أحرك جسدها، مرت دقائق قبل أن تستفيق، ثم ..لتصف هي ما رأت، فهي.. تقسم أنها رأت عالما أخر.
هذا العربي ليس أكثر من بدوي مسلم فهل سيصنع مجدا على حساب الحضارة و العلوم، لكنه من سكان الصحراء،هو بل هم يملكون قوى أكبر من وجودنا ، إنهم أشبه بالسحر بالغامض والمستحيل, قد يعيد إليَّ حبيبتي،قد يعيدها، أدفع العمر كله لقاء عودتها-كما يقول هؤلاء العرب-
لكن القديس لا يقول شيئا, قدم لي الغداء ثم جثم ينتظر أن يتكرر الأمر،أراقبها نائمة كملاك نزل لتوه من الجنة ،لأحظى بها هنا، 'بتي' قطرة من ندى .
كيف أعيدك إلي حيث الصواب الذي ما عدت أجد حبيبتي.
حتى لا ألازم العربي سقتها إلى حيث رفاقنا السياح الأوربيون،التفوا حولنا حادثهم عن كل ما عاشتْ ،بكل التفاصيل المبهمة التي و على دقتها لم ترفع غمام الجهل عنا.
سألتني عجوز منا إن كانت عمِّدت في صغرها.
'بتي' ليست مسيحية فكيف تعمّد؛هي لا تدين لأي إله و كذلك والداها, إنها..بل إننا أحرار مد نشأنا.السيدة على الأقل أبدت رأيا قالت مس شيطاني، الحل تعميدها إن عاودها الأمر.
اشتعلت 'بتي' حقدا و طلبت العودة إلى قديس المسلمين، و لم يجد غير الصمت جوابا لها.
- إن كنت لا تعرف فلا تقل شيئا،لن أصدق حكاية المس الشيطاني.. أنا لا أومن بالشياطين و لا الملائكة و لا حتى ...أعتقد أني زرت الماضي أو المستقبل وفق شروط خاصة،و إلى هناك أعود وأنتظر أن تتكرر التجربة في تحقق الشروط السالفة.

بتي
باب الصحراء

حزمتُ عزمي و جرأتي و سقط سهوا بين أمتعتي بعض الخوف والرهبة فدعوت ذلك القديس العربي...
لبى و ما خلته يلبي.
خيمة رمال صحراء، بركة بصفاء الدمع ،ضياء القمر،ماذا أيضا..لا أدري..كل نقطة من جسدي تشتهي عودة ذلك الزمن المستور
و لم يعد..

انقضت الليلة بزغ الفجر، أنهى القديس صلواته، بنظرة واحدة فهمته ينوي المغادرة..
إنه.. و كأن روحه ترفض حصول أي أمر، خائف من الجديد ربما
أو ربما المجهول، أو... لا أدري.
نظر إلى السماء قال: – لا اله إلا الله،كيف...
توقف الزمن الحاضر، سافرت انقلب مشهد الصحراء و خيامنا القلة إلى مدينة أشبه بالرماد الواقفون حولي شبه عرايا،إلى جواري رجل أشيب يقول لا إله إلا الله ..
خلفه مباني شاهقة رمادية اللون ..حجر أو طوب أو..
إلى جواري نساء و رجال،النساء كثر..كثر .
انقطع، عدت وقد ارتفعت شهقاتي تقطعت أنفاسي ..لقد...
لم يكن الماضي سيدي.. لم يكن الماضي، البنايات دائرية شاهقة الارتفاع، الأزياء بدائية التصميم دقيقة التنفيذ،بالكاد تسترهم.سألني القديس عن نسيم الهواء،فسخر رفيقي
أخاله سؤال عارف،الجو خانق الحرارة مع ذلك أحسست برودة قارصة تمر بين الحين و الحين مع أني لم أطل البقاء..انه مختلف عن كل ما عهدنا..
- هل انتقلتُ فعلا ؟ هل غبتُ تلك اللحظات؟
- أنت عن ناظرينا ما غبت.
صاح فؤادي ما كنت نائمة و لا هو الحلم فكيف أشرح لهما
و خائفين بديا.لا هين الأمر و لا صعب ..
قد يكون ...
ألتفت إلى القديس المسلم فيسألني عودة إلى المدينة يرتب فيها أوراق الفكر،ثم قال لا تنادني قديسا فأنا إمام و اسمي عبد الله.
عبد الله المسلم هاتف الجامعة المسلمة منبت علمه، من هناك يُرسَل إلينا باحث متخصص، بعد أسبوع..أسبوع كامل وصل إلينا شاب يافع، فتى غر لا يحمل ملامح العلماء و لا حتى الأطباء.أ يحمل بين متاع السفر علاج خوفي و نزق الغموض.
جلس إلينا, رويت له السفرة الأولى، سجلها على شريط سمعي ثم الثانية مثلها،لم يسلني شيئا،غادر و مع الفجر عاد، وجدني في الباحة الجانبية للمسجد،لم يشأ اقترابا لكني اقتربت، فبادرني السؤال:
- أ تعجزين عن النوم؟
- لا..بل أهوى شروق و غروب هذه البلاد..
ابتسم׃- انه وقت غير محمي فيه تكثر حركة الجان و قد يصيبك مكروه
- إذن تعتقد مثل الأوربية أنه مس شيطاني
-لا أعلم بعد و لا أخاله
- سفر في الزمن
- لكل ٍ ثقافة ٌ تملي عليه أفكاره و توقعاته..
- آه، و إذن..
- رحلة إلى هناك و الله يفتح أبواب العلم إن هو شاء
تضيق أنفاسي أدخل ذلك الـ... الزمان أو المكان مرة أخرى,أمامي ينتصب الرجل الأشيب ثانية يفتح كتبا خاوية لا كتابة عليها فقط نقش من زخرف يؤطر الصفحات الخاويات،أحاول الإحاطة بالمكان،لا أملك لنفسي حراكا ألمح سيفا على الجدار..ألمح أكداسا من الكتب،وصورتي في المرآة،تصعقني تلك الصورة ،لا أعلم كم من الزمن مر و أنا أراقب الدهشة على صفحة من مرآة,ليست أنا..
لم أكن أنا على المرآة.
كانت أخرى ..
-بتي..بتي..
استفقت على صوته׃- ماذا رأيت؟ بل كيف أنت؟
- كيف عرفت هل اختفيت؟
لا ما اختفيتُ كنتُ هناك،يراقبني و أسندُ يديّ إلى الخواء، أقلب الصفحات الخاويات من ذلك المجهول البعيد المنتئي.
أ كان سفر روح.. الروح تصعقه كأنها الكلمة التي لا يود الخوض فيها...و مهما سألته ماذا إذن..لا يلتفت إليها كأنه لا يريد أن يعرف، أو ربما لا يمكنه؛ مس شيطاني، تلبس جان، سفر أزمان، تقاطع أرواح
ما الذي يحصل،الصحراء شرعت تنتقم،تريني أطيافا وأوهاما، وهذا القادم من قسنطينة يصدق بكل جوارحه , يستقصي, يطرح الأسئلة ثم دخل مسرعا إلى المسجد جلب كتابا,فتحه ستر كتابته ثم أراني
ـ أ كانت هكذا الكتب..
نوعا من هذا؛ الأحجام مختلفة مواد صفحاتها أيضا متباينة لكن تشابه ما يجمعها بهذه التي أرى بين يديه ،و ما هذا؛الذي بين يديك...
المصحف، الكتاب المقدس؛ القرآن،هكذا استمر يشرح لي حتى جعلني أغضب استفز شيئا ما مني لا أعرف ما هو،أكانت حقا مصاحف كل تلك.
أ يخالني رأيت هذا الذي يسميه آخر الأزمان؛ شهدت رفع قرآنهم من مصاحفهم.
و لم ..لم أشهد أنا عارهم و انحصار أقدارهم.أي عار تسيرون إليه، أما كفاكم ما أنتم فيه خلناكم تنتفضون وترفعون عنكم محاكاتكم لنا،إذ أنتم تنقلبون أمة من غرائز الحيوان:
- لا يهمني أمر دينكم، أريد أن أشفى.
- أخشى أنك لست مريضة..أو ربما...
قد لا يكون مرضا، أ لم يدرك أني أفتش عن احتمال، أي احتمال، ما عدت أطيق صبرا على هذا الذي ملكته أمري إذ هو يبحث عن تواريخ لديانته،و يدرني لاحتراقي,و لوعات ضياعي...
لكن لا ..أطلق الصحراء و أنسى .
الدروب نحو البلاد الباردة هي علاجي،يقترب ذلك المسلم يقسم بآلهته التي لم أعرف يوما أنه يشاطرني الشعور، وأنه مثلي يبحث لي عن منفذ،لكن:
- لنحاول مجددا ..قد نجد الحل عند الطرف الآخر من يدري..
كأني أصدقه ..كأن روحي تحب أن تؤمن له و تستسلمَ لإرادته.
تشرق شمس الصحراء تنير جسدينا المتكئين على جدار المسجد،يلمحني رفيقي الأوروبي يحاول أن يتحاشانا، لا يقدر, إخالني مازلت جميلة،ما أزال أرى حسني على وجوه الآخرين،و على وجهه كأول الدانين، غير أني شرعتُ أنحسر لم أعد لهفة عظمى،بدأ انبهاره يجف, سألني و يا ليتني ما سمعت سؤاله و لا عرفت ما يخفي.
سيرحل، إننا نفكر بالعقل ذاته لكني ،ما أحببت أن يسبقني إليه ..
لعلي.. ما عدت .. ما عدت أملك القدرة لأقرر.
انتصب المسلم الذي بمحاذاتي أملا استثنائيا في حياتي،و قد خسرت السند؛ رفيقي يعود من حيث أتينا ذات يوم.
هو اليوم أشبه بالغلطة،يشبه الهفوة، يشبه أخطاء النساء
- أ ترافقينه؟ يسأل المسلم
- لطالما كانت الصحراء وطني لكن عند الضعف أحتمي بالحضارة
الصحراء موطن راحتي.. و إذا انتفت الراحة، انحسرت و ضاقت بما رحبت – هكذا تقول العرب- و يسيء فهمي يخالني لم يقنعني جهده و لا مرتبته لكن لا ..
أنا عاشقة المجهول و معشوقي جرحني بل آلمني ومن وجهه أفر ..
أما أنت أيها المسلم القسنطيني محمد فـ....
أنت غفوة خاصة للروح،إنك استراحة بالغة الاختلاف،حياتي كلها قضيتها من عطلة إلى عطلة غير أن عطلة قضيتها للحظات بين كلماتك،و رنة صوتك،تشعرني كأن العمر كله كان تعبا يفتش مستميتا عنك،و ها أنك..
و ها أني أرمي بك خارج هذه الحياة دون أن أحسم خسائري
- إن كنت تغادرين فلا بقاء لي ...
ستعود إلى قسنطينة,تراك ما تعود تذكرني, أ لم يحفر جمالي في نفسك مطلقا،أعرفت قبلي كثيرات مثلي ,و لم تملك بلوغا للحدود الفاصلة بيني و بينهن ..
حدودي فؤادك أنا أعيشك حسا،لا أفهم كيف و لا...
- ماذا لو زرتم قسنطينة ثم ...
- نعم،نعم..نعم
أراهن عليك بالـ...بـ" بتي" كاملة ..و لا يهم أ أيام أو مجرد ساعات أخر معك ، ليس مهما أود أن أبقى إلى جوارك فقط،أما رفيقي فيرفض، يشد القسوة علي يقول أننا نهرب لا نمرح.
- قسنطينة ليست صحراء. يصر المسلم ׃إنها صخرة فوقها مدينة لن تفوتوا ذلك ..
- طبعا لا .
ما أزال قادرة على تسيير أفكاره، الأوربي ليس بصعوبة العرب،رفيقي شغوف،لن يغيره مشهد عابر ،بيد أنه خائف ، خائف حتى من التطلع نحوي،خائف ربما حتى من حبه الفائت،من كل ما تعنيه بتي.
ما عدت امرأة بالقدر الكافي،بل ما عدت عادية بالقدر الكافي،مع أنه ما أحب العادي يوما . أنا كنت المجهول و المغامرات،كنا نطارد ونقتنص .
أم أن الجدّ جد ....
انتظرناه،فتشنا عنه،اختفى،و سألنا فعرفنا...
غادر نحو أوروبا، لم يسل عني ،و لم يودعني و لا حتى ...
وحيدة أنا في البلاد البعيدة، محاطة بالقتلة السفاحين؛ أتبع خطى متطرف إرهابي.أسير على أرض متعطشة للدماء،ألهج لغة الـ..
- ما كان لينفعك
ها هو المسلم شرع يهددني ثم هو يردفني:
- لن أتخلى عنك، و لو لزم الأمر، أسافر معك، و لا أعود حتى أسلمك لمن يتعهدك،ابتسمي لقسنطينة.. فستغرمين.
-.....
لا تطمئنني الكلمات،بل شيء آخر يسيرني نحو هذه المدينة لا أعرف ما هو، ما عدت أعي ما يحل بي،مسلوبة الإرادة، أسير بين أزقتها ،أفتش عن شيء لا أعرف حتى ما هو ،و لا لم أبحث عنه؟
فأين أجده؟
أنهكت محمدا و أنا أطلب كل ساعة الخروج للسير, يخالني عشقت هذه المدينة الحلم الصامد, لكن لا..ما عاد للعشق مكان.إني ابحث بكل حواسي،أتفقد كل زاوية،كل ركن ،أسلك كل درب.مرت أيام ثلاث و.. أين ـ أجد ـ ماذا؟

vendredi 10 février 2012

زمن الرحيل العاجل



زمن الرحيل العاجل


ريحانة.. آس.. أم زهرة لم تتفتح الأكمام منها بعد
قالت أني هوى الفؤاد الجريح؛قالت أن الغدَ أنشودة تغريد تهديني فيها الحب.
قالت أني رجلها الحلم، و أن الأحلام حياة سرية نعشقها في صمت،فتصبرنا على الآهات التي تأتي سريعة عاجلة.
سلوى كان اسمها،و عنوان الأسى المتسارع نحو أيامها..أنا
،و تسميني الزمن البريء.سلوى،في كل مساء تقابل الدرب المرير الذي تسلك أيامي، و تغرد للفرح في أذني و الفرح نسيت، و نسيت الإشراق،ورونق الحياة باعدني منذ زمن.
تقول سلوى ،أنها تعيد الطعم اللذيذ و الحس المرهف و الجمال إلى أيامي التي أراها تائهة.
أهدتني الكتاب المقدس،كما كل الأخريات،الفتيات اللائي لا يبدأن لائحة الهدايا بالجسد يبدأنها بالكتاب المقدس في بلادي، ركنته و ما قرأت الحرف المنوّر منه.
وجاءتني لائمة: الأيام التي تدور في الفراغ، و تلتف حول المآسي والدمع، عليها أن تدور حول كلماته و تفاصيل الفرح منه،انه فرح الإنسان؛الخالق يعلم، ولم يبخسنا تلك الفرحة،بل أهدانا إياها كلمات تامات.
أنتَ لست فريدا،إنك فرد منا،تشبهنا، و إن تفردت أحيانا، و القرآن علاجنا،جميعنا.
قلتُ، الفرح ما عاد يجد إليّ من سبيل..
و رحلت سلوى على عجل،قبل أن أروي ضمأها لكلمات أخر تمنتها، على عجل اختصرت:انتهى الزمن الحب ،انتهى الحلم الأمان،اليوم للخيانة و الغدر..
اخشيني..قلتُ لها، واخشي كل آدمي،ما عدنا الإنسان،إنّا ننهش الحياة نهشا، نمزق الآخر حتى لو كان الصدر الدافئ حتى الآباء صاروا موضع الدوس.
سلوى، ليتك ترحلين بُعيد أيامي،و ليتك تدركين أن الفؤاد الذي عنه تفتشين رحل جريحا من بين الضلوع،جرفه دمع ذرفه الرجل مني على ذكرى امرأة خانت العهد، و قسم القلبِ و الهوى. قالت:القلب ليس للنساء بل للخالق الرزاق هو الذي أوجده وهو يرعاه و يسعده، فهلا تستغفر، وإلى وجه الحليم ترجع.
نظرتُ لمرة واحدة و بنظرة واحدة و وجدت الأجوبة الخاطفة؛وهل الرب تعرفين و أنت لباسه الشرعي تهجرين ،و الجسد تعرضين سلعة مجانية للناظرين،و صحبتي ترتضين رجلا أجنبيا.
أليس هذا قول دينك،أم أنك فقط ترشدين،أو تخالين أنك ترشدين،أرشدي أحوالك فإنها ضائعة مثلي، بل أكثر..و أكثر،
أ لاتدركين
ترحل قبل أن ترد بالكلمة الأولى، تغيب،لا تعود إليّ، ما عادت ترغب بالمحاولة.
أ داعية كانت و هزمها حالها و تشوُه صورتها،أم امرأة تعشقني، ويُكسر الفؤاد منها بكلمة، أ تغزلين قلب الرجل بالانكسار، لا رجلا قد يهواك و أنت الجرح العاجل..

سلوى قالت، ما انهزمت لا انكسرت،كانت عائمة في مكاتيبها؛قالت،أنها كانت مزكومة و أنها تعبت وما سألتُ عنها،فسألتُ:هل جعلتك تبكين؛ آخر لقاء بيننا.قالت: نعم..
قالت، أن الله أبدا لن يغفر لها سفورها،و أني كنت صفعة جعلتها تواجه الأمر،قالت أنها ستقتني أردية شرعية آخر شهرها هذا.و سريعا غابت عن ناظري.
ثم عادت و حملت الفؤاد كلمات،سلوى قالت، ابتسم،فالله يهب الأماني الرقيقة التي ما نخال أنفسنا يوما نبلغها، سألتها إن كان الله منحها فرحة العمر،هل أهداك حبي مثلا،ألست فرحة عمرها.
قالت، أنني لا أعرف عنها الكثير،أنها كانت يوما عليلة، و قالوا أنها ستعاني ستبكي، ستقلب الأرض بصراخ آلام، قد تمزق جسدها في غير وعي، باشرني الألم؛ قالت،فوضعت يدا على الوجع و بالأخرى فتحت المصحف، و قرأت بلا اختيار صمت الوجع ليصغي ..
ثم خشع الوجع ..ثم تناهى خاشعا..الألم.
فماذا تفعل أوجاعك الصامتة، ألن تحمل زادها و ترحل، إن هي سمعت هذه الكلمات الربانية ، لا يزداد الوجع إلا بتعنتك، و صمم تنزله عنوة بأذنيك.
قالت، الله يمنح شيئا لا اسم له في لغات الأرض،إحساسا مرهفا، فرحا خفيا موقعه الفؤاد.راحة اطمئنان. قالت أن الأيادي امتدت إليها تنهش منها على مدى الدرب الشاق،و وحده ربي الكريم كان يمنعهم دمي و شرفي ، فعشت العمر أحفظ الجسد من اللمسات الرقيقة الناعمة، كما يعرفها الآخرون،المحرمة كما هي في عيني،إنه الأقوى عليهم،الأحنى عليّ.
أ تعرفه؛ تلتفت تسألني.. إلهي القريب مني على استغنائه عني.
حاولت نقاط مبعثرة بين نفسي و نفسي..حاولت الإجابة،عرفته ذات زمن كان جميلا، كنت فيه أبتسم،يا سلوى و أضحك ، حتى ينفتح الفؤاد وردة من نرجس بأريج الياسمين، فأسبح بجلال اسمه،الأمس كان زهرة برية حلوة نادرة. لو تعلمين
لكنها لا تدرك، تقول الرب الذي كان أمس هو الذي اليوم يسير الأمر،و يُهدي القلب أفراحه، و الأماني الحلوة .والدعاء بجليل أسمائه يعيد الفرحة و الهوى ،و سكينة القلب..السكينة قالت.
قلتُ ارحلي فأنت مازلت طفلة، لا تعين من العالم سوى أحلامك،وبراءة وردة لم تفتح أكمامها للبرد و الجليد،و لم يجمد الصقيع أطرافها.
فــــرحلت..
انتظرتُ عودتها ،لم تعد ،سلـوى
انتظرتُ..وانتظرتُ..و لم تعد، فإليها قصدت؛ وجدتها زهرة في أرض خلاء تحفها القــبور ما عادت أغنية فرح. تجمدت إلى الأبدربما..
أوربما..
هو النعيم، و الحب الأزلي الأبدي،فهي كانت نشيد توحيد.
و إلى جوار الإله الذي أحبت، حملت الزاد و سارت.مرة أخرى خلفتني امرأة أخرى غادرت و خلفتني.لكن سلوى غابت وفية ؛ لي و لإله كان سكينة روحها.تراه إلهك يمنحني تلك السكينة ،و ذلك الصبر.سـلوى استحالت صوت في قلبي يناجني صمت.