lundi 27 février 2012

قالت لي الأزمان عنكم ..4



بتي
مواضع الضياء
الاثنين يوم اعتيادي للآخرين، لكنه معي مختلف،أنا التي كنت مجرد طفلة أوروبية مذللة،ها أنا اليوم أملك حكاية الإسلام،ربما أملكها، وربما هي التي تملكني و تسير أفكاري و قراراتي جميعا، ها أنا أقبل باختبار حسن النية.
لا أعلم حقا أنّ لي كل هذا الصبر و الاستسلام لمجريات العالم المتخلف،أم أني أعاملهم كنواقص..إنهم يتخبطون في الماديات تماما مثلنا، الفرق أننا نملك التقنية و فن العيش المتحضر،و أخاف أن يملكوها غدا وهم كما هم اليوم فيهلكوا البشر جميعا. تراها يد قومي هي التي ستوقع الهلاك ،و تردينا إلى تلك الحال من الهمجية التي أطل عليها من عيون أنثى من 'أخر الزمان' كما كان يسميه محمد.
محمد اشتقت لك..لصمتك..لصوتك..لغموضك ..و إعرابك الخافت
وخذلتني..أهنتني.
ألم يحمل جسدي إليك و لو بعضا من ...
و لو حتى من الإغراء و لا أكثر
لا أطمح للأكثر.أخفيت عيونك كأنك ترى شيطانا،لكن ماذا أقول لعلني تسرعت فما أخالك أحببتني كفاية، أو ربما أخطأت فإلهك الذي يحرم سيرك معي على الطرقات لن يسمح لك بـ...
محمد،أتمنى ، من أبعد النقاط في الروح أن يكون الأمر دينا بحثا.أتمنى فقد قرأت في عيونك.. مع كل تعابيرك رغبة و هوى و حب جامح تقبض عليه بإصرار، و تبدو رصينا هادئا.تعرف تماما إلى أين تسير بي،لكنك لم تسر،لم تقدم سببا لجلبي نحو ساحة إسلامك،لماذا محمد؟ أ لم تلاحظ أنه وافق أشياء مني ما كنت أعرفها قبلا،أ لم تلاحظ
أ لم ترمقها ؟ محمد
ارتديت أتوابا تشبه منشئي أكثر ما تشبه هذا المكان الذي أقيم فيه اليوم، تشبه رفيقي الأوربي الفار أكثر مما تشبه محمد. لكن هذه ليست الصورة الأحب للمسلم،استتري خلف حشمة الثوب،لتكتسبي عطفهم،انه اختبار لنواياك.
في سيري انتبهت إلى نساء المسلمين،إن هن أقل احتشاما مما أبدو عليه،لا أفهم.. هل هن من الأحرار مثلي،أ هن بكل هذا الكم ،لن يجد محمد زوجة أبدا.
قسنطينة .. قال محمد أنك مدينة الأصالة العربية ،فكيف هي المدن الأخريات؛
أبدا، لن يجد محمد زوجة ..أبدا
كان عليه بدل الجهد ليدخلني دينه،فأنا كما تقول العرب وقع من نفسي موقعا حسنا ، هكذا بالضبط.
أبلغ الموعد بعدهم،أتراهم أكثر اهتماما،ربما. يرحب بي المالك شخصيا، يدخلني قاعة جانبية أثرية التأثيث،خفقت الروح حتى انفلت الفؤاد، كان محمد.
اﻤ...امـ...امتقع لونه.
أخال رجفة الروح عبرته أيضا،حتى بارح مكانه،ظننته يقفز ليضمني،دنا مني قال أنه فتش في كل ركن، في كل فندق،على كل رحلة،لكن..
لم يكن يعرف أنه لا يعرف اسمي.
يقول :- سبحان الذي جمعني بك و قد يئست ،خلتك غادرت
لم أجب،بما قد أجيب،تتراقص العبارات التي لم أؤمّـِن لها كثيرا،حين كانت والدته ترددها،أنا كنت أصغي لألا أسيئ الأدب،أصغي و لا أربط بالواقع،ها أني أعيش فعليا،أعيش كل كلمة لفظتها،تراودني ترفض التنحي.. كل تلك العبارات،كانت تتكرر:
لا شيء،لا شيء يأتي صدفة، العناية الإلهية سطـَرت أقدارنا و بدقة تفوقنا.
المصدر واحد ..واحد ..واحد..
مهما تباعدت الأمكنة، و أردف إلى علم السيدة 'مهما تباعدت الأزمنة أيضا' هذه أنا اكتشفتها.ركزت ناظري عليه،لا رحبت، لاسألت عن أحواله،لا مكان لتقاليد اللباقة
- أنا طلبت من إلهك إشارة لأعرف أنه...
- الله الذي لا إله إلا هو
-....
لم أعثر على الكلمات
- أتقرين ..أتشهدين..
- لا إله إلا الله
- محمد رسول الله.
- أين هو ؟ نحن نبحث عنه.
لم يجب،ربما لم يسمع،لم يك هكذا قبلا، كيف أصفه،كأن حملا أزيح عن كاهله،حر هو أخيرا،انطلق نحو المالك
ناداه خالي،ضمه،عانقه،صافحه ،يكاد يرفرف،لا بل أكثر،حتى خفت عليه.
صدقا،كنت تائهة،أقف أمام مجهول ممحي المعالم ،أنا لطالما خضت المجهول و تخبطت بالغموض فما الذي يهابه قلبي،ما كل هذه الرهبة التي تنهشه،أ يرعبني الالتزام أم أن القدر هو ما يرعبني و قد استسلمت للإيمان بسلطته. لكن صار لي إله يرعاني لا خوف ولا قلق.محمد قال مبارك.قال أنه دعا دوما الله أن يهديني سواء السبيل.
- دعوت الله و لِم لَم تطلب ذلك مني، لأسلمت من الكلمة الأولى
أم أنك.. ما كنت تعرف؟
- عرفت دوما
بابتسامة محتال لم أعهدها، ثم يردفني:- لم أشأ أن تسلمي لأجلي، بل أردت أن تعرفي الله، و تحبيه ،و تسلمي وجهك لجلال سلطانه،لا لبشر
منطق قوي لكني سأكسره:- أنت لا تشاء وحده الله يشاء.
- آه إذن تعرفين
- أنا أتقن الإصغاء.. أحيانا.
كل نقطة من جسده، من روحه تفيض فرحا، و تنتقل الفرحة دون عناء إلي فأبتسم دون سبب..و أبتسم،ثم شيء من الراحة يتسلل مع هذه البسمات إلى روحي.
الدكتور بالجامعة الإسلامية قال أن روحي حيرى، لم؟ فأنا كنت أغذيها بالموسيقى وقدمت أعمالا خيرية.محمد قال أن الموسيقى ليست غذاء،قال أنها مخدر، إما أن يستفيق سامعها على انتفاضة الروح
أو أن يفقد الحس،و ينغمس حتى المآل الأخير فاحمدي الله.قال أن الروح من الله ،و الموسيقى من الإنسان ،و هوى الإنسان بعيد عن المنبع الخالص.
محمد لم تك هكذا قبلا، شتت فكري ..إن كانت نساء قسنطينة يعلمن كل هذا فلماذا يتركن هذه السكينة ويقلدن الغربيات اللاتي يجهلن.
أ هذه هي الخطوة الأولى نحو الزمن الذي أزور،أن يقلد العالم الجاهل إلى أن ينسى علمه ،و يسترسل يجهل..و يجهل إلى أن يرتدين تلك الأزياء التي بالكاد تسترهن،ويمارسن أهواءهن بهمجية الحيوان.
أ يمكن أن يكون هذا هو منطق الأقدار.
يدعوني محمد عودة إلى بيته،أتحرج ،أتهرب،و يصر.
خاله ينصح ألا أتردد،هو فر منهم،غيّر عمله و مسكنه،ثم أعاده القدر المسطور إليهم ..و ما ندم،بل استشعر سعادة بالغة و تحسر على كل ما مضى،انسقت بعد أن وعدني تفقها في الدين،ثم تأشيرة إلى العربية السعودية.
و عدت ،شرعت أقرأ صفحات خاويات من حضارة عرب اليوم، على شاشات الفضائيات.حياة الصحارى الجزائرية لم تنقل إلي شيئا،عن عرب القرن الحادي والعشرين.كيف تمكنوا من إزاحة الماضي المجيد عن وعيهم،وانساقوا خلف قومي الدين تخلصوا من دينهم لجور حل بالماضي، أما أنتم أي داع سحبكم وراء خطانا الضالة.أقسم بإلهكم الذي تعبدون لو عرفت أوروبا ما تعرفون لطلقت بالثلاث كل الذي يغريكم،بل أخاله يدهشكم ....
روحي تشتاقك يا مصطفى هذه الأمة، هل لك من رجعة لتعيدهم إلى دينك، يا حبيبي يا رسول الله. أما أنا فنظرة منك تكفيني
أ تسامح طيش العمر الفارط و تمنحني رضاك .أرشدني يا رسول الله
أرشدني من حيث أنك لأن أرضيك،أقسم لك بأن لا أخلف سبيلا لخلاص أمتك من المصير الذي أبصر عبر نوافذ العيون ،إلا سلكته
فأرشدني من حيث أنك لأرضيك..
و أدعو لي بسداد الخطوات
ها أني أفتش عما أعين به فتاة آخر الزمان لتبلغ مُنى شعبها، أما أمتك اليوم، القوم الدين أعيش يبنهم فلا أعرف حقا الطريق إلى هديهم،إلى إيقادهم.
أقف على باب غرفة محمد أسأله إن كانت إمامته شعاعا نورانيا حقا يرد لا،هو يعرف أنه لا يرشد ضالا،إنما يسعى إلى تثبيت مؤمن قد تهز فؤاده الحوادث،حتى هذه لا يحققها دوما،لكن أحيانا....
يسترسل في نظرة تائهة كأنه يلقيها على ذاكرته،يقول أحيانا نعم،يعيد الأئمة من باعدوا دينهم ثم لم يفسقوا أو لم يقدروا على الفسق

البعض ترفض الروح منهم خطاياها.يدنوا حديثه من قلبي، أجلس على حافة سريره يقابلني من على مكتبه:
- أتمنى محمد،أتمنى لو أحمل من سماحتك،و أهدي إلى كل الأئمة الدين أراهم على الشاشة.
- الأئمة، اعتقدت أنك ستهدينها للقسنطينيات
- الأفكار كلها تأتي من القاعدة الشعبية إلا هذه، هذا السمو لا يزرعه الشعبي،ولا السياسي،لا يملك ذلك غير الإمام،الداعية.
و كأنه يتحسس نبضي يسألني:- و كيف تجدينهم؟
مع أن حروفه جدية ابتسمت، أو ربما سخرت، لا أدري:
- بعضهم إداري و الآخر مصاص دماء.
كأنما يجرحه الحرف،يعز عليه أن افتضح سرائرهم بخفة كأنهم يعلقونها على صدورهم أو لعله وجدني ظالمة.
- آه...آه ...
شهقاتي تتوالى لا أتنفس تنقطع زفرات الغرفة عني،أزور عالمها تلك الفتاة،أراها، أرى يدها تقود حيوانا لا أعرفه،و أستفيق
أجد الأسرة ملتفة حولي، محمد يحاول إعادة الحياة إلى صدري،شقيقته تحمل الأكسجين،حاولت الابتسام،جسدي منهك،تعب .
منهار في كل نقطة منه
- ماذا حصل،أ هو الربو،أم حساسية. تسألني أخت محمد
- رؤيا، الجو..كان.. مختلفا..خانقا..حارقا
- أحرقك ؟استرخي
خلفي أمه تضمني إلى صدرها، مُسحت كل معالم الرقة المعهودة على وجهها،لم يتعب وجه لأجلي هكذا، كيف أريحك:
- لا تخافي،إنه الدلال
أغمضت العيون على فراشك محمد،أشتم خلالك، و رجولتك لتتوحد بجسدي.متى أشاطرك الوجود،الوسادة،و الحلم،محمد. يسرقني النعاس من أسئلة إجابتها الوحيدة أنت.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire